Monday, June 20, 2011

إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ

يقول ربنا الكريم، الذي هو بنا رحمن رحيم، وهو بما يصلحنا عليم.

يقول سبحانه: { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } (الأنعام:57)

أي: وما الحكم بين العباد إلا إلى الله تعالى, فهو سبحانه يقول الحقَّ, وهو خير مَن يفصل بين الحق والباطل بقضائه وحكمه سبحانه وتعالى.

(1) وقال سبحانه تعالى: {...إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } (يوسف:40)

أي : ما الحكم الحق إلا لله تعالى وحده, لا شريك له, فهو في عليائه أمر ألا تنقادوا ولا تخضعوا لأحدٍ غيره, ويجب أن تعبدوه وحده, ومن مقتضيات عبادة وحده سبحانه، أن يتحاكم عباده إلى ما شرعه لهم ربهم، وهذا هو الدين القيم الذي لا عوج فيه, ولكن أكثر الناس يجهلون ذلك, فلا يعلمون حقيقته.

(2) وقال الله عز وجل: { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } (يوسف:67)

وهذا قول نبي الله يعقوب (عليه السلام) لبنيه عندما عادوا لمصر في المرة الثانية ومعهم بنيامين

قال لهم: يا أبنائي إذا دخلتم أرض \"مصر\" فلا تدخلوا مِن باب واحد, ولكن ادخلوها من أبواب متفرقة, حتى لا تصيبكم العين, وإني إذ أوصيكم بهذا لا أدفع عنكم شيئًا قضاه الله عليكم, فما الحكم إلا لله وحده, عليه اعتمدت ووثقت, وعليه وحده يعتمد المؤمنون.

أي: القضاء قضاؤه، والأمر أمره، فما قضاه وحكم به لا بد أن يقع، { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي: اعتمدت على الله، لا على ما وصيتكم به من السبب، { وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } فإن بالتوكل يحصل كل مطلوب، ويندفع كل مرهوب.

(3) وقال الله الحكم العدل: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:65).

أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن هؤلاء لا يؤمنون حقيقة حتى يجعلوك حكمًا فيما وقع بينهم من نزاع في حياتك, ويتحاكموا إلى سنتك بعد مماتك, ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا مما انتهى إليه حكمك, وينقادوا مع ذلك انقيادًا تاماً, فالحكم بما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم. (التفسير الميسر/88)

(4) وقال الله الكريم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } (الأحزاب:36)

ولا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة إذا حكم الله ورسوله فيهم حُكمًا أن يخالفوه, بأن يختاروا غير الذي قضى فيهم. ومن يعص الله ورسوله فقد بَعُدَ عن طريق الصواب بُعْدًا ظاهرًا. (التفسير الميسر/423)

(5) وقال الله -تعالى-: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (المائدة:49).

وهنا يأمر الله تعالى رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم بين الناس { بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } ونهاه سبحانه أن يجاريهم في عاداتهم { وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } .

وحذَّره من أن يضلوه عن { بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ } إليه .

ثم نبهه سبحانه بأمر هام ألا وهو : أنهم إن تولوا وأعرضوا فهذا بسبب ذنوبهم التي سيطرت على عقولهم والتي بسببها صُرِفوا عن الهُدى ودين الحق، فأصابهم الضلال { بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ }. ثم ختم سبحانه الآية بقاعدة عامة وهي { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ } فكثير من الناس خارجون عن طاعة الله تعالى ، فهل يطاعوا في رفض تحكيم الشرع؟ أو يطاعوا في تبديله ؟ قطعًا . لا وألف لا ...


ففي الآية خمسة أمور هي:

1- أمرٌ: لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم الشرع والأمة تبع له في ذلك .

2- نهيٌ: لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتبع أهواء الناس والأمة تبع له في ذلك .

3- تحذيرٌ: لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - من أن يترك بعض ما أنزل الله تعالى إليه . فكيف بترك التحاكم إلى الشرع بالكلية؟ . والأمة تبع له في ذلك .

4- تنبيه: لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن بعضهم سيعرض عن الحق بسبب ذنوبهم ، فلا تتأثر بذلك . وكذلك الأمة تبع للنبي فلا تتأثر بذلك .

5- قاعدة وهي : \"عدم الاغترار بالكثرة وعدم الزهد في القلة\" وهي خير ختام للآية .

=========

ونخلص من ذلك أنه يجب علينا أيها المصريون ( طبعًا وكل الناس أجمعين وليس المصريون فقط)(3) أن نتحاكم إلى شرع الله تعالى ولا يجوز أن نتحاكم إلى شرع غيره عز وجل ، ولو طلب أحد التحاكم لغير شرع الله فهو من العصاة الخارجين عن طاعة الله تعالى ، فلا يطاع في ذلك، ولنعلم أنه من الفاسقين.


المصدر صوت السلف

http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=10517

No comments: