يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه – وإن ظلمه. فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية.
قال تعالى:
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا[الحجرات:9].
(فجعلهم
إخوة مع وجود القتال والبغي، وأمر بالإصلاح بينهم، فليتدبر المؤمن: أن
المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك
وأحسن إليك. فإن الله سبحانه بعث الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله
فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه، والإكرام والثواب لأوليائه والإهانة
والعقاب لأعدائه.
(وإذا اجتمع في الرجل الواحد: خير وشر، وفجور وطاعة،
ومعصية وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق
من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات
الإكرام والإهانة كاللص تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه
لحاجته. هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم الخوارج
والمعتزلة ومن وافقهم)
ولمّا
كان الولاء والبراء مبنيين على قاعدة الحب والبغض ... فإن الناس في نظر
أهل السنة والجماعة – بحسب الحب والبغض والولاء والبراء – ثلاثة أصناف:
الأول:
من يحب جملة. وهو من آمن بالله ورسوله، وقام بوظائف الإسلام ومبانيه
العظام علماً وعملاً واعتقاداً. وأخلص أعماله وأفعاله وأقواله لله، وانقاد
لأوامره وانتهى عما نهى الله عنه، وأحب في الله، ووالى في الله وأبغض في
الله، وعادى في الله، وقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم على قول كل
أحد كائناً من كان
الثاني:
من يحب من وجه ويبغض من وجه، فهو المسلم الذي خلط عملاً صالحاً وآخر
سيئاً، فيحب ويوالى على قدر ما معه من الخير، ويبغض ويعادى على قدر ما معه
من الشر ومن لم يتسع قلبه لهذا كان ما يفسد أكثر مما يصلح.. وإذا أردت
الدليل على ذلك فهذا عبد الله بن حمار
وهو رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - كان يشرب الخمر، فأتي به
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعنه رجل وقال: ما أكثر ما يؤتى به،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم
((لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله)) مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه
.
الثالث:
من يبغض جملة وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولم
يؤمن بالقدر خيره وشره، وأنه كله بقضاء الله وقدره وأنكر البعث بعد الموت،
وترك أحد أركان الإسلام الخمسة، أو أشرك بالله في عبادته أحداً من الأنبياء
والأولياء والصالحين، وصرف لهم نوعاً من أنواع العبادة كالحب والدعاء،
والخوف والرجاء والتعظيم والتوكل، والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة،
والذبح والنذر والإبانة والذل والخضوع والخشية والرغبة والرهبة والتعلق، أو
ألحد في أسمائه وصفاته واتبع غير سبيل المؤمنين، وانتحل ما كان عليه أهل
البدع والأهواء المضلة، وكذلك كل من قامت به نواقض الإسلام العشرة أو أحدها
فأهل
السنة والجماعة – إذن – يوالون المؤمن المستقيم على دينه ولاء كاملاً
ويحبونه وينصرونه نصرة كاملة، ويتبرؤون من الكفرة والملحدين والمشركين
والمرتدين ويعادونهم عداوة وبغضاً كاملين. أما من خلط عملاً صالحاً وآخر
سيئاً فيوالونه بحسب ما عنده من الإيمان، ويعادونه بحسب ما هو عليه من
الشر.
وأهل السنة والجماعة يتبرؤون ممن حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، قال تعالى:
لا
تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ
مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ
أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي
قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ
حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[ المجادلة:22].
ويمتثلون لنهيه تعالى في قوله:
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ
أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن
يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ إِن كَانَ
آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ
وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ
كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ
اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:23-24].
ويلخص الإمام ابن تيمية مذهب أهل السنة والجماعة فيقول:
(الحمد
والذم والحب والبغض والموالاة والمعادة إنما تكون بالأشياء التي أنزل الله
بها سلطانه، وسلطانه كتابه، فمن كان مؤمناً وجبت موالاته من أي صنف كان،
ومن كان كافراً وجبت معاداته من أي صنف كان.
قال تعالى:
إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن
يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ
هُمُ الْغَالِبُونَ[ المائدة: 55-56].
وقال:
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[ المائدة: 51].
وقال:
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ[ التوبة:71].
ومن
كان فيه إيمان وفيه فجور أعطي من الموالاة بحسب إيمانه، ومن البغض بحسب
فجوره، ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرد الذنوب والمعاصي كما يقول
الخوارج والمعتزلة.
ولا يجعل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون بمنزلة الفساق في الإيمان والدين والحب والبغض والموالاة والمعاداة
قال تعالى:
وَإِن
طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا
فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي
حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ[الحجرات: 9-10].
فجعلهم إخوة مع وجود الاقتتال والبغي.
(...
ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي بعضهم بعضاً موالاة الدين لا يعادون
كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم بشهادة بعض، ويأخذ بعضهم العلم من بعض،
ويتوارثون ويتناكحون، ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض مع ما كان
بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك)
الولاء والبراء القلبي:
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة في هذا الموضوع أن الولاء القلبي وكذلك العداوة يجب أن تكون كاملة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
(فأما
حب القلب وبغضه، وإرادته وكراهته، فينبغي أن تكون كاملة جازمة، لا توجب
نقص ذلك إلا بنقص الإيمان، وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته، ومتى كانت إرادة
القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته فإنه يعطى ثواب
الفاعل الكامل.
ذلك أن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب
محبة نفسه وبغضها، لا بحسب محبة الله ورسوله، وبغض الله ورسوله وهذا نوع
من الهوى، فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه
فَإِن لَّمْ
يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ
أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[ القصص: 50].
موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب البدع والأهواء:
يدخل في معتقد أهل السنة والجماعة البراءة من أرباب البدع والأهواء.
والبدعة:
مأخوذة من الابتداع وهو الاختراع، وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق ولا مثال
احتذي ولا ألف مثله ومنه قولهم: ابتدع الله الخلق أي خلقهم ابتداء ومنه
قوله تعالى:
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ[البقرة: 117].
وقوله:
قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ[الأحقاف: 9].
أي لم أكن أول رسول إلى أهل الأرض.
وهذا الاسم يدخل فيما تخترعه القلوب، وفيما تنطق به الألسنة وفيما تفعله الجوارح
قال ابن الجوزي:
(البدعة عبارة عن فعل لم يكن فابتدع. والأغلب في المبتدعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة وتوجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان)
ولقائل أن يقول: ما شأننا الآن وأصحاب البدع لا سيما وأنت تتكلم عن ولاء الكفار والبراء منهم وموالاة المؤمنين ونصرتهم؟؟
والجواب
على ذلك: أولاً: أن البدعة خطرها عظيم وكبير، والدليل على ذلك أنها تنقسم
إلى رتب متفاوتة ما بين الكفر الصريح إلى الكبيرة والصغيرة، وفي هذا يقول
الإمام الشاطبي:
(البدعة تنقسم إلى رتب متفاوتة منها ما هو كفر صراح، كبدعة الجاهلية التي نبه عليها القرآن بقوله:
وَجَعَلُواْ
لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ
هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ
لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ
يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ[ الأنعام: 136].
وقوله تعالى:
وَقَالُواْ
مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ
عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء
سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ[الأنعام: 139].
وقوله:
مَا
جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ
وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ
وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ[المائدة: 103].
وكذلك بدعة المنافقين حين اتخذوا الدين ذريعة لحفظ النفس والمال وما أشبه ذلك مما لا يشك أنه كفر صراح)
وقضية
التحليل والتحريم خصوصية لله عز وجل، فمن ادعى التحليل والتحريم فقد شرع
ومن شرع فقد أله نفسه. وكما أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق فهو أيضاً
صاحب الأمر والسلطان، قال تعالى:
أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ[ الأعراف: 54].
وقال سبحانه:
وَلاَ
تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا
حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ[النحل:116].
فهذه
البدعة الكفرية وأمثالها لأصحابها منا العداء والبغض والكره والجهاد بعد
الإعذار والإنذار، والبراءة منهم لا تختلف عن البراءة من الكافر الأصلي.
فقد قال صلى الله عليه وسلم
((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) .
قال البغوي:
(وقد اتفق علماء السنة على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم)
ونعود لرتب البدع كما ذكرها الشاطبي فقال:
(ومن
البدع ما هو من المعاصي التي ليست بكفر أو يختلف فيها هل هي كفر أم لا؟
كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة ومن أشبههم من الفرق الضالة.
ومنها ما هو معصية ويتفق على أنها ليست بكفر، كبدعة التبتل
والصيام قائماً في الشمس والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.
ومنها: ما هو مكروه كالاجتماع للدعاء عشية عرفة، وذكر السلاطين في خطبة الجمعة على ما قاله ابن عبد السلام الشافعي
وما أشبه ذلك)
فأرباب هذه البدع يتبرأ منهم أهل السنة والجماعة.
ثانياً:
لخطورة البدع على الدين أورد هنا نماذج من أقوال سلف الأمة في التحذير من
البدع وأصحابها. ومن ذلك ما قاله الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه حيث يقول:
(من كان مستناً فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً
وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقل دينه،
فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فهم كانوا على الهدي المستقيم)
. وقال سفيان الثوري رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها.
وقال
الإمام مالك رحمه الله: من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد
زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الدين، لأن الله تعالى يقول:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ[ المائدة: 3].
فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً
وذكر الشاطبي رحمه الله أن مفاسد البدع تنحصر في أمرين:
(1) أنها مضادة للشارع، ومراغمة له، حيث نصب المبتدع نفسه منصب المستدرك على الشريعة لا منصب المكتفي بما حد له.
(2)
أن كل بدعة – وإن قلت – تشريع زائد أو ناقص، أو تغيير للأصل الصحيح، وكل
ذلك قد يكون على الانفراد، وقد يكون ملحقاً بما هو مشروع فيكون قادحاً في
المشروع، ولو فعل أحد مثل هذا في نفس الشريعة عامداً، لكفر، إذ الزيادة
والنقصان فيها أو التغيير – قل أو كثر – كفر
.
ويعضد هذا النظر عموم الأدلة في ذم البدع ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم:
((كل بدعة ضلالة)) وقوله صلى الله عليه وسلم:
((من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهــم شيئاً)) .
وقال أحد علماء السلف:
(لا تجالسوا أصحاب الأهواء، أو قال أصحاب الخصومات فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون)