Tuesday, May 20, 2008

مقتطفات – 1 (دوافع الأعمال)

بسم الله الرحمن الرحيم


(الفصل الأول من كتاب الإيمان أولاً ) دوافع الأعمال

ما من عمل إرادى يقوم به الإنسان إلا وله دافع يدفعة إلى فعله ، هذا الدافع ينطلق دائما من عاطفة الحب والبغض .

فمدار أفعال العباد تنطلق من مشاعر الحب والبغض ، ففعل الطاعات وترك المنكرات -على سبيل المثال - لن يقوم بها العبد بسهولة ويسر إلا إذا انطلقت من هذه المشاعر .

يقول تعالى "ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه فى قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون " [الحجرات :7 ]

وعندما تنطلق جميع أفعال المرء من منطلق حبه لما يحبه الله ، وبغضه لما يبغضه -سبحانه- فإنه يكون بذلك قد استكمل الإيمان لأن جميع دوافعه أصبحت على مراد الله ،ليس لنفسه فيها حظ ولا نصيب .

عن أبى أمامة رضى الله عنه أن النبى (صلى الله عليه وسلم ) قال :(من أحب لله وأبغض لله ،وأعطى لله ،ومنع لله ،فقد استكمل الإيمان) (صحيح،أخرجة أبو داود )

وإذا ما تعارض حبان لشيئين مختلفين أمام الشخص ،فإن الحب الأقوى هو الذى سينتصر فى النهاية .

يقول تعالى {والذين آمنوا أشد حبا لله }[البقرة :165 ].

* علاقة الايمان بالحاجة

إن السبب الرئيسى لعدم إيمان الكثير من الناس بالله -عز وجل - وعدم قيامهم بحقوق عبوديتهم له،هو عدم استشعارهم حاجتهم إليه .

يقول تعالى "كلا إن الإنسان ليطغة (6)أن رآه استغنى " [العلق :6,7]

ففى ظنهم أنهم يمتلكون من أسباب القوة ما يجعلهم فى غنى عنه - سبحانه - وعندما يُستبدل حالهم من اليسر إلى العسر , ومن السعة إلى الضيق ، ومن الأمن إلى الخوف والكرب ، فإنهم يتجهون بكليتهم إلى الله - عز وجل - بعد أن زالت عنهم عوارض القوة وعاشو فى حقيقة فقرهم وضعفهم ,واستشعروا حاجتهم الماسة إليه سبحانه .. فتراهم يعودون إليه متضرعين ،منكسرين . مخلصين له الدين .

يقول تعالى {هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جائتها ريح عاصف وجائهم الموج من كل مكان وظنو أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين } [يونس -22].

ولقد كان الرسل جميعا يركزون فى دعوتهم للناس على إشعارهم بحاجتهم إلى الله ، فيذكرونهم بحجم النعم التى أننعمها الله عليهم -سبحانه- ، ويخوفونهم من سوء مآلهم إن هم عصوه وكفروا به .

يقول تعالى على لسان هود –عليه السلام –وهو يخاطب قومه :{واتقو الذى أمدكم بما تعلمون (132) أمدكم بأنعام وبنين (133) وجنات وعيون (134) إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم }[ الشعراء :132-135]

فأى توجيه أو نصح لا يقع موقعة الصحيح فى نفس مستمعه إلا إذا استشعر حاجته إليه ، يقول تعالى {وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون }[يونس :101] .

*كيفية إنشاء الرغبة

وبما أن الأعمال تنطلق من إيمان صاحبها بجدواها ، ومدى حاجته إليها ,يصبح التركيز على فضل العمل والآثار المترتبة على القيام بفعله من الأهمية بمكان ، لإنشاء الحاجة ، وتوليد الرغبة داخل النفس .


ومثال ذلك : استجابة الكثير من الناس للدعوة إلى الإنفاق فى سبيل الله عندما تصل إلى مسامعهم كلمات صادقة عن فضله ، وحتجة المسلمية إليه .


من هنا كانت التربية باستشعار الحاجة من وسائل تغيير السلوك والقيام بالأفعال المرغوب فيها ، والمتأمل لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فى فضائل الأعمال يجد الارتباط الوثيق بين العمل والثواب المترتب عليه ، لتولد الحاجة داخل النفس لفعله .


ولأن من طبيعة البشر النسيان ، كما قال تعالى : {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما }[طه : 115] ، فإن استشعار الواحد منا حاجته للشىء قد يضعف بمرور الوقت .. لذلك كان من الضرورى دوام التذكير بأهمية ما نقوم به من أعمال ، يقول تعالى {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} [الذاريات :55] .


ولابد كذلك من وضوح الهدف الأسمى الذى نسعى جميعا لتحقيقة ، ألا وهو دخول الجنة والنجاة من النار ، وكل ما ينبغى أن نقوم به من أعمال ما هى إلا وسائل تعيننا على الوصول إليه ، وعندما يصبح هذا الهدف ماثلا ً بوضوح أمام أعيننا ، فإن من شأنة أن يصوغ حياتنا بطريقة مختلفة عما إذا كان غير ذلك .


بمعنى أننا سنتعامل مع كل شىء يقابلنا فى الحياة من خلال علاقته هذا الهدف ، فما نراه يقربنا إليه نتمسك به ، وما نجده يبعدنا عنه نتركه غير آسفين عليه .

والمتأمل لآيات القرآن يجد الحث المتكرر ، والترغيب الشديد فى دخول الجنة ، كى يزداد السعى إليها ، ولا يغفل عنها أحد .


يقول تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران : 133]

ويقول تعالى {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } [آل عمران : 185]

وفى مقابل الترغيب فى دخول الجنة كان الترهيب والتخويف من النار بصورة متكررة كى تشتد الحاجة للهروب منها .


يقول تعالى : {إن جهنم كانت مرصادا (21) للطاغين مآبا (22) لابثين فيها أحقابا (23) لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا (24) إلا حميما وغساقا (25) جزاءا فاقا }[ النبأ : 21-26]

ويقول تعالى {إن لدينا أنكالا وجحيما (12) وطعاما ذا غصة وعذابا أليما } [المزمل :112،13]


انتهى الفصل الأول وقريبا الفصل الثانى حقيقة الإيمان .

لم أجد كلاما أفضل وأشمل للموضوع مما كتب المؤلف فنقلت الموضوع كما هو .



No comments: